الخميس، 11 أكتوبر 2012

فضائح القذافي الجنسية في كتاب بعنوان الطرائد

لعل كتابا لم يتمكن من أن يقيم الدنيا ولا يقعدها في باريس، وحتى قبل صدوره، كما يفعل كتاب “الطرائد” الذي صدر مؤخرا. والذي تناولت فيه الصحافية الفرنسية الكبيرة أنيك كوجان؛ صاحبة القلم الجسور والرأي المحصن في جريدة اللوموند؛ فضائح القذافي الجنسية. وهو الكتاب الذي يكشف في مصداقية نوعية، عن ذلك الهوس الجنسي المجنون الذي كان يعيشه المقبور القذافي، وكيف أنه لم يكن يحكم بلاده بالحديد والنار فقط، بل أنه كان يستخدم الجنس بصورة خاصة لبسط نفودة على تلك الأرض الطيبة.

في هذا اللقاء تحاور صحيفة الراية القطرية في باريس الكاتبة لمعرفة تفاصيل الملف، وأسباب اختيارها لهذا الموضوع القنبلة:

> حول هذا السؤال الأخير تقول كوجان:

كنت قد سافرت لليبيا مباشرة بعد تحرير طرابلس، وتمكن الثوار من الإطاحة بنظام القذافي. حيث كنت أراقب هذه الثورة الخرافية الوقع عبر شاشات العالم في انبهار كبير. وكنت أود أن أتعرف عن قرب على دور المرأة في كل ذلك؛ لأنني لاحظت أن دورها قد تم تهميشه مباشرة بعد الانتصار، وذلك رغم أنها كانت قد ساهمت في الثورة بكل ثقلها. وكانت تحقيقاتي الأولى في هذا الاتجاه، لصالح جريدة اللوموند، مع رموز الثورة من البطلات الليبيات اللاتي طبعن بصماتهن على تاريخ الثورة، قد كشفت لي أن انخراط النساء الليبيات الرائع في الثورة، لم يكن يجعلهن عرضة للقتل فقط، بل أنهن كن عرضة للاغتصاب بصورة خاصة.

حيث كان النظام يرصد حراك المرأة الثائرة، ويرسل إليهن بجماعات من الكتائب، من المرتزقة في الغالب، لردعهن بعدوان الاغتصاب. بمعنى أن القذافي قد وظف “الجنس” كسلاح في المعركة. سواء لترهيب الفتيات الثائرات أو لترويع الثوار الذين يتركون بيوتهم للالتحاق بمعارك التحرير.

وهنا كانت مفاجأتي الكبيرة؛ أن أتعرف على بُعد غير مرئي من معارك القذافي القذرة ضد شعبه؛ والتي وظف فيها سلاح الاغتصاب، وحول فيها جسد المرأة مرتعا لحروبه الخاسرة. حيث كانت كتائب القذافي وجنود المرتزقة يقتحمون البيوت ويخطفون النساء ويعبثون بالقيم لمجرد ترويع الثائرات أو الثوار لردعهم عن الخروج للقتال.

وقد قادني هذا الموضوع للبحث بشكل أعمق في الأسباب التي يمكن أن تدفع بزعيم بلد، لأن يأمر بالاعتداء الجنسي على بنات بلده؛ المفترض أنهن تحت رعايته؟. هكذا عدت لليبيا أكثر من مرة للبحث حول الموضوع؛ حيث تطرقت للموضوع مع كل من كان لهم علاقة بالأمر؛ من الضحايا أو من المعتدين، حيث قابلت بعضهم في السجون ومراكز التوقيف عند الثوار. وقابلت المسؤولين في الثورة، ومسؤولين من العهد المنهار…وتجولت عبر مدن ليبيا وقراها…وذلك لكي أتحقق مما وضعت عليه اليد من الكثير من الأشياء “العجائبية” في حياة العقيد القذافي. وكيف أن يومه بالكامل كان يدور حول الجنس، واغتصاب الفتيات والشباب على السواء. بل إن كل من كان حوله كان يتحرك من أجل إرضاء هذا الهوس.

وكيف أن القذافي لا يكتفي بالاغتصاب، بل كان يحتفظ “بالطرائد”، في قصره في باب العزيزة، ويحولهم إلى عبيد وجوارٍ لإرضاء نزواته بشكل مروع. من هؤلاء أطفال وطفلات في الثانية عشرة أو الرابعة عشرة.

> تؤكدين في كتابك على أن ما كان يفعله القذافي أمرا لم تعرفه شعوب الأرض من قبل. ولكن أليس مفهوم الحرملك هذا، كان قد وُجد ويوجد عند آخرين؟

- لا، ليس على الإطلاق نفس الشيء. في الواقع، وهو المريع في الأمر، أن ما كان يقوم به القذافي يذهب أبعد، إن لم نقل خارج دائرة إشباع الشهوات التي قد يشابه فيها أي طاغية آخر. فالقذافي بالإضافة إلى أنه كان يستعبد الطرائد، ويوظفهم لصالح نظامه، كآليات لسلاح الجنس. كان أيضاً يوظف بنفسه الجنس لبسط نفوذه على كل من حوله، وذلك في تفاصيل لا يسمح لقاء سريع بسردها. هنا يتحول الجنس إلى آلية للسلطة والقمع والإرهاب وليس فقط لإشباع الشهوات.

في الواقع إن الجنس كان سلاحا لتأكيد سلطته وسلاحا لسحق من قد يقف في طريقه من خلال الوصول إلى بيت الشخص وزوجته وبناته أو من خلال تحطيم كل كرامته وسحقه تحت أقدامه باغتصابه هو نفسه.

فقد قاد التحقيق إلى الكشف عن أن القذافي كان يجبر وزراءه وقادات جيشه للانصياع لنزواته والمرور بسريره…كذلك تقديم بناتهم وزوجاتهم، وإلا فإن الموت يكون في انتظارهم. وكأنه يستمد عنفوانه من سحق كرامة الآخرين وهو ما لم تعرفه الديكتوريات الأخرى. ليس من خلال الجنس على الأقل. وقد نال بهذا العدوان زوجات الكثير من الرؤساء والدبلوماسيين أو من كبار الفنانين والفنانات من العرب والأجانب الذين كان القذافي يدفع الأموال الطائلة لاصطيادهم لفراشه.

فناهيك عن القول إن القذافي كان يوظف أموالا طائلة جدا جدا، من أجل الحصول على الطريدة، ومن أي مكان من العالم، بينما كان قد ترك شعبه تحت خط الفقر تقريبا.

من ناحية أخرى اختلط الجنس عنده بالسحر والشعوذة التي بنى فوقها أساسات حكمه فيما يقال. فهو يحتاج للاغتصاب عدد بذاته من العذراوات، على الأقل أربع عذراوت، في اليوم. وذلك من أجل توظيف “الدماء” لصالح طقوس السحر التي يقوم بها كل يوم.

> ما هو الهدف من الكتاب؟

- بالدرجة الأولى أن نقوم بالتنديد بكل الخطايا، وبكل العدوان الذي قام به القذافي تحت ستار من صمت عالمي مشبوه. وأن لا نسكت عن هذه الجرائم التي أزكمت رائحتها الأنوف. وهذا واجب الصحافي عندما يقع على حقيقة جُهد على إخفائها عن الإنظار؛ حيث يكون ملزما بأن يسلط عليها الضوء، وينقلها للعالم. وليس من واجبي الذهاب إلى أبعد من هذا في هذا السياق. حيث إن الحكم على كل هذا متروك للتاريخ، وللمحاكم الليبية والدولية، وإلى الشعب الليبي بالدرجة الأولى.

أما الهدف الثاني فهو توصيل صوت الضحايا وإسماع العالم بأسره قصة الفتيات الطرائد اللاتي وقعن بين مخالب العقيد. بحيث يجب أن يعرف العالم بأنهن ضحايا ولسن من الإلزام. وإن لكل الضحايا الحق اليوم في المطالبة بحقوقهم نساء ورجالا… واسترداد كرامتهم…..خاصة وأنهم حتى الساعة لازالوا محسوبين على أزلام القذافي، وذلك رغم الذل والاغتصاب والمهانة التي كانوا قد تكبدوها تحت طغيان القذافي.

> ما هي المحطات البشعة الكبرى التي صادفتك أثناء التحقيق

- كل المحطات كانت بشعة، وكبيرة من حيث حجم الفاحشة. فلا شيء يسمح لأي رجل في العالم أن يستبيح أعراض أو حريات الآخرين. وارتكاب أبشع ُجرم بحق الإنسان؛ وهو الاغتصاب الذي يمزق كل شيء في المرء؛ الروح والجسد. على أن ما أذهلني هو كيف تمكن القذافي من إقناع كل من كان حوله، بأن ما كان يفعله طيلة فترة حكمه هو أمر مسموح به. فقد اكتشفت بأن كل محيطه كان على علم بما يدور خلف أسوار باب العزيزية، بما في ذلك زوجته وأولاده. بل أنه كان يستبيح بصورة خاصة صديقات وزوجات أولاده، دون أن يردعه ضمير. ولعل أبشع ما استوقفني كيف كان القذافي يمارس الرذيلة “جماعيا”؛ مع مجموعة من الفتية والفتيات.. في سيناريوهات مريعة؛ بينما الفريق الذي كان حوله يدخلون ويخرجون على المكان، ويتحدثون معه في مختلف الملفات الجارية بشأن الدولة بشكل عادي؛ وكأن ما كان يدور هو أمر طبيعي، ومسموح به. بل الأدهى أن من حوله صاروا جزءا من منظومة “رهيبة” من شأنها العمل ليل نهار على إمداد القذافي بما يشتهي من طرائد، ومهما كلف الأمر.

> وعلى مستوى الأشخاص، ما الذي أثر فيك أكثر؟

- لعل أهم ما أثر في شخصيا هو قصة الصبية ثريا، التي جعلتها على نحو ما محور الكتاب. والتي اختطفها القذافي من بيتها عن عمر لا يتجاوز الرابعة عشرة. لكي يغتصبها ليل نهار طيلة خمس سنوات، بعد أن احتجزها تحت أقدامه في باب العزيزية، ضمن مجموعة من الحرملك من النساء والرجال. وهي قد قدمت شهادات مهمة عن مختلف السيناريوهات التي تتم في حجرة “القائد”.

الأمر الآخر هو أنه كان يقوم بتعليم الفتية، والفتيات بصورة خاصة، شرب السجائر والخمر وتعاطي المخدرات.. وكأن هذا “النموذج المستهتر” هو ما يحشد خياله الجنسي. وقد ترتب عن ذلك دون شك، وجود جيل كامل من المدمنين من الفتيات والشبان ممن مروا بسرير القذافي للأسف؛ وهذا يدمي قلبي.

الأمر الآخر، والذي ما فتيء يقلق مضجعي، هو صالة العمليات المخصصة للولادة والإجهاض، التي اكتشفها الثوار بجامعة طرابلس. والتي تقع تحت أقدام “المدرج الأخضر” حيث كان القذافي يأتي دوريا لإعطاء المحاضرات العقائدية. هذه الصالة موجود في قلب استراحة فاخرة؛ تدور حول غرفة نوم مجهزة بكل ما يسهل على العقيد تحقيق نزواته. وهذا يعني أن هناك المئات من الفتيات ممن مررن بهذا العذاب والامتهان دون أن نعرف قصتهن بعد.

> أنت تتحدثين عن الانتقام الأبعد من الاغتصاب. غير القتل والتنكيل، ما الذي يمكن أن يقوم به القذافي؟

- إن الاغتصاب هو أم الجرائم في سياق انتهاك حقوق الإنسان، والقتل هو الجريمة بإطلاق. وقد قام القذافي بكل هذا في سياق إشباع شهواته، لكن الأدهى أنه كان يحرص على تصوير كل هذا. وكان هناك فريق “غير مرئي”، يراقب عن كثب ما يدور. ويقوم بالتقاط الصور ويسجل بالفيديو جرائم القذافي الجنسية. وذلك سواء في باب العزيزية، أو في مثل هذه الاستراحات… وقد فضل الثوار تدمير هذه الأفلام، لأنها تطال العديد من الناس في ليبيا أو في العالم. وكان أثناء الثورة يأمر الكتائب بتصوير الاغتصابات التي يقوم بها جنوده ضد نساء الثورة، ويوزع الأفلام عبر الهواتف النقالة على الثوار لترويعهم وحتى يقول لهم لو تركتم بيوتكم لمحاربتي فإنني سأنتقم من نسائكم…وكل هذه الأدلة موجودة اليوم لدى الجهات القضائية التي تتابع جرائم القذافي ضد شعبه. وهناك أدلة مصورة أيضا على أنه كان لا يتورع على سحق من قد يقف أمام نزواته.

> سحق بأي معنى؟

- بالمعنى الحرفي للكلمة. فهو كان يستمتع بسحق الناس الذين قد يقفون في وجه نزواته المريضة، وثمة العديد من الأفلام التي وضعها الثوار على وسائل التواصل الاجتماعي اليوم التي نرى فيها كيف مثل القذافي ببعض من أقاربه الذين قالوا له لا: “لا تلمس زوجاتنا”.

> هل سيخرج الكتاب باللغة العربية؟

- نعم، لقد تمت ترجمته وسيصدر مطلع الشهر القادم، وسيكون متوفرا لو سمحت الرقابة في كافة المكتبات العربية، وخاصة في ليبيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بتعليقاتكم على منشوراتنا و تذكروا قول الله تعالى و ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد