السبت، 13 أبريل 2013

كتابة دستور "ليبيا الجديدة" بين الجدل والاقتراحات



أثار قرار المؤتمر الوطني العام الليبي "البرلمان المؤقت" باختيار أعضاء لجنة صياغة الدستور الجديد بالانتخاب المباشر جدلا في الشارع الليبي ، وذلك رغم تصريحات رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام الدكتور محمد المقريف أن المؤتمر يميل إلى التريث في خطوة لجنة صياغة الدستور الليبي الجديد.

كما أكد المقريف على أهمية دور المحامين ورجال القانون والتشريع بليبيا في المرحلة المقبلة لأنهم من بين قادة الفكر والرأي في الوطن ، مطالبا رجال القانون وفقاءه القيام بدورهم المهم في بناء ليبيا الجديدة.

 

ونقلت وسائل الإعلام الليبية عن المقريف قوله في تصريحات له إنه يجب مراجعة وتعديل وتغيير القوانين والتشريعات الليبية ، التي كانت من رواسب النظام الليبي السابق ، وتعتبر من الماضي، مشيرا إلى أنه في مقدمة مهام المؤتمر الوطني الليبي العام حاليا .

 

فراغ سياسي

ونحو هذا الصدد اعتبر الحقوقي محمد المنصوري أن "ليبيا لا تعاني فراغا دستوريا، نظرا لوجود دستور الاستقلال الذي سنه الليبيون قبل 60 عاما"، مضيفا في تصريح خاص لوكالة" الأناضول" أن "الكتل السياسية التي دعت لكتابة دستور جديد مستفيدة من إطالة أمد المؤتمر الوطني العام والفترة الانتقالية في البلاد".

 

وأطلق محمود جبريل رئيس تحالف القوى الوطنية "ليبرالي" أطلق مبادرة تدعو إلى اعتماد دستور الاستقلال الليبي والاقتصار على الاستفتاء على بعض مواده التي تخص النظام الملكي الذي كان يحكم ليبيا وقت وضعه.

 

من جانبه يرى الخبير الاستراتيجي عز الدين عقيل أنها "دعوة لا طائل من وراءها فظروف وأوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية والبشرية تختلف عن الفترة التي وضع فيها دستور الاستقلال".

وعن انتخاب لجنة الدستور أعرب عقيل عن قلقه من "استنساخ تجربة انتخاب أعضاء المؤتمر الوطني العام الذين اظهروا ضعفا كبيرا في تسيير البلاد" حسب قوله.

 

وكان الإعلان الدستوري للثورة الليبية قد نص على تعيين لجنة مكونة من ستين شخصا لصياغة الدستور من قبل أعضاء المؤتمر الوطني العام ، إلا أن النص قوبل بمعارضة اضطرت المؤتمر لإصدار قرار أمس يقضي  باختيار أعضاء اللجنة بالانتخاب المباشر من قبل الشعب الليبي، بدلا عن التعيين.

 

في المقابل دافع عبد القادر حويلي عضو المؤتمر الوطني عن مدينة سبها "جنوبي غرب" عن قرار المؤتمر قائلا إن "لجنة انبثقت عن هذا القرار مهمتها صياغة معايير وضوابط لانتخاب أعضاء لجنة الدستور لتكون لجنة فنية ولن يكون هناك ضعفا فيها وسيعمل المؤتمر على تحديد مدة زمنية لإنجاز مسودة الدستور لعرضها للاستفتاء من قبل الشعب".

 

دستور 51

وعلى جانب آخر صرح القيادي الليبي البارز والعضو المؤسس في حزب التغيير جمعة القماطي ، بأن ليبيا ليست بحاجة إلى دستور 51 لإيجاد شرعية سياسية، مدافعًا عن شرعية المؤتمر الوطني الليبي العام والمنتخب في السابع من يوليو العام الماضي.

 

وقال القماطي في تصريحات صحفية له أمس الجمعة إ:"ن العودة إلى دستور عام 1951 قد تخلط الأوراق وتربك الجدول الزمني وتدخل ليبيا في فوضي وفراغ سياسي، موضحًا أنه على ليبيا حسم أمرها في أسرع وقت للوصول إلى دولة الدستور والمؤسسات".

 

وشكك القماطي في مثل تلك المبادرات الداعية إلى دستور 51، موضحًا أن تحالف القوى الوطنية لم يمنح الفرصة لكثير من الأحزاب السياسية للإدلاء بآرائها في هذا الشأن.

 

وأكد أن حزب التغيير منع من المشاركة في الحوار المتعلق بتلك المبادرة بالعاصمة طرابلس، وأن المشاركة اقتصرت على تحالف القوى الوطنية بزعامة محمود جبريل والإخوان المسلمين.

وأشار إلى أن المبادرة تقتصر على الأحزاب التي تتقاسم السلطة داخل المؤتمر والحكومة فقط.

 

ونحو هذا السياق قال المحلل السياسي بشير السني أن الرجوع إلى دستور 1951 لوضع دستور ليبيا بعد ثورة 17 فبراير شئ جميل ولكن هذا الدستور تطور مع الزمن وعدل تعديلا جوهريا سنة 1963.

 

وأضاف بشير كان المفروض أن يعتمد دستور 1951 المعدل سنة 1963 كأساس وتطويره حسب التغييرات السكانية والثقافية والاقتصادية لوضع دستور ليبيا الجديد، لا العودة إلى دستور 1951 الذي عدل وأصبح حدثا تاريخيا يروى كما يروى العهد القره مانلي ، دستور سنة 1951 الأصلي وحد ثلاث ولايات عسكرية شبه مستقلة فرضها الاحتلال العسكري البريطاني والفرنسي.

وأكد بشير أن قرار تأليف الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد بالانتخاب قرار سليم لكن قرار اعتماد تأليف الجمعية التأسيسية لسنة 1951 بتوزيع مقاعد الجمعية التأسيسية بين ثلاثة أقاليم فقط بالتساوي هو أقرار للنظام الفدرالي مقدما قبل وضع الدستور.

 

دستور ما بعد القذافي

وعلى صعيد أخر أشارت مسودة الدستور الذي قام المجلس الانتقالي الليبي في سبتمبر 2011 بتوزيعها إلى أن ليبيا ما بعد القذافي ستكون دولة ديمقراطية لا مركزية، وليست جماهيرية أو جمهورية، وفترة الرئاسة فيها لا تتجاوز أربع سنوات يتم تجديدها مرة واحدة بينما ستكون هناك ولايات بحكم فيدرالي.

 

وتضمنت المسودة أربع أوراق  طويلة تبرز أسباب قيام الثورة وظروفها ومطامحها، وتتضمن أساسا 15 بندا يشرح فيه أصحاب المشروع ملامح ليبيا ما بعد القذافي.

 

 وتبين مسودة الدستور التي قامت بنشرها صحيفة " الخبر" التي اصطلح على تسميتها ''دعوة إلى مشروع الميثاق الوطني الانتقالي''، في مادته الأولى بوضوح أن ''ليبيا دولة مستقلة وهي دولة ديمقراطية لا مركزية''، وأن ''دينها هو الإسلام، مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر تشريعها''، وهو ما أعلن عنه مصطفى عبد الجليل في اليومين الماضيين، وأحدث جدلا في الساحة الدولية، بشأن طبيعة الدولة المقبلة في ليبيا.

 

وتحدثت مسودة الدستور،عن المواد الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، من مسودة الدستور عن المبادئ العامة التي تضمن حرية الرأي والصحافة والإعلام، وعدم خضوع وسائل الإعلام للرقابة الإدارية، كما تتحدث عن حرية إنشاء الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات، وفي المادة السادسة يبرز الحديث عن مبدأ الدفاع عن الوطن و''عدم المساس بالنظام المدني الدستوري الديمقراطي''.

 

أما في المادة الثامنة من مسودة الميثاق الليبي، ففيه تفصيل لمسألة إنشاء الأحزاب والجماعات السياسية وما يرتبط من حق الانتخاب، وفي المادة الثامنة نقرأ عن إنشاء برلمان ليبي تحت اسم ''مجلس تشريعي أعلى مسؤول وحده عن عملية إصدار القوانين''.

 

في المادة الثامنة أيضا من مسودة الدستور يجري الحديث عن أنه ''يكون للدولة رئيس منتخب وتدوم فترة الرئاسة لمدة محددة لا تتجاوز أربع سنوات بمدة إعادة انتخاب لمرة واحدة''.

 

وهو ما يشير برأي مراقبين إلى أن النظام المقبل في ليبيا قد يكون نظاما رئاسيا. وبخصوص الحكومة، فتحدد المادة التاسعة أنه ''يكون لليبيا حكومة مدنية مفوضة بحق ممارسة السلطة التنفيذية مسئولة أمام المجلس التشريعي "البرلمان" يرأسها رئيس وزراء مدني''، وهذا يعني برأي مراقبين أن البرلمان يراد أن يكون له سلطات أقوى من الحكومة.

 

وفي المادة العاشرة من مسودة الميثاق يجري الحديث بوضوح عن أنه ''لا يجوز إنشاء محاكم استثنائية''، وأن ''السلطة القضائية تناط بمحكمة عليا واحدة وبمحاكم أدنى درجة''.

 

وتوضح المادة الثالثة عشرة من المسودة أن ليبيا المستقبل ستكون فيها تقسيمات إدارية "ولايات" تتمتع بالشخصية الاعتبارية وتنظم على أساس اعتماد مبدأ الاستقلال الذاتي لهذه التقسيمات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بتعليقاتكم على منشوراتنا و تذكروا قول الله تعالى و ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد