الأحد، 23 ديسمبر 2012

لهذا جيء بالقذافي إلى السلطة شابا

قال عز من قائل : { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.

بعد انقلاب سبتمبر، كثر الجدل حول مقدرة "معمر القذافي" الصغير آنذاك-27 سنة- على إخضاع الجيش والرتب العليا من الضبّاط في المؤسسة العسكرية الملكية الليبية، وهي بلا شك مقدرة لم توفرها له موهبته العسكرية ولا الدهائية، بل كانت برعاية قِوى خارجية ولا ريب، وأصابع اتهامي لا تقبل إلا أنْ تشير إلا جنرالات إسرائيل، أو من يعمل لصالحها من الدول الكبرى- عودة لنظرية المؤامرة، التي لا مهرب منها- فهم من مكّنوه من ذلك، وأعطوه المفاتيح السرية للعبة القذرة، التي وصل بها إلى سُدة الحكم، وضمنت له البقاء إلى هذا الوقت، وكل الدلائل تشير إلى هذه الآصرة، التي تربط هذا بأولئك، وقد يكون السبب المُطِّل برأسه خلف ذلك، راجعاً إلى ما قام به الليبيون مع اليهود من عِقاب، عقب هزيمة العرب في سنة 1967 ميلادية، وهم في ذلك، قد تسنّوا بسنة رسولهم الأعظم عليه السلام في التعامل مع أهل الذمة- يهود المدينة- ممّن لا يوفون بوثيقات العهود، التي قطعوها على أنفسهم في الدولة الإسلامية، التي هم من رعاياها، إذ أثبتت القرائن تورطهم في أعمال الهجرة والدعم المالي واللوجستي والتجسّسي لصالح حكومة (تل أبيب)، واستمرت رعاية اليهود للقذافي منذ استيلائه على الحكم، وأمدّته بكل الخطط الأمنية، لتكوين جهازه الإستخباراتي والبوليسي على أكفأ درجة من الكبح والقمع وانتفاء التهاون والتسامح مع خصومه في الداخل والخارج.

بعدما أُكتشِف النفط في باطن الصحراء الليبية، أُجريت عليه عدة دراسات استكشافية، خصوصاً عن كم الاحتاطي المُخزَّن منه في جوف الأرض، وفي أول الدراسات من هذا النوع، تمت المعادلة بين سكان ليبيا ونسبة تزايدهم السنوية، ومعدل الزيادة الثابت لكل عقد من الأعوام، فوجد أنّ تزايد الشعب الليبي وازدياد حجم مصروفاته من هذه المادة الخام، يعطيان معلومة غاية في الأهمية، وهي أنّ النفط ستُستنفِد أخر قطرة منه بعد مرور سبعين عاماً من أوان استخراجه، وبعد ما يُداني ست سنوات أو سبع، من إلقاء أول دلو في آبار النفط الليبية، جيء بـ(القذافي) الغرِّ على عجل، بطريقة سافرة، على ما فيها من حقائق، تفضح بطلان ثورته، ولا تقنع ذا عقلٍ بقدرته على إنجاح هذا الانقلاب على الرغم من وجود كفاءات ورتب عسكرية أعلى منه قدراً وشأواً، فالإتيان بشاب صغير في مقتبل العمر له مؤديان، أولهما هو التحكم به وتشغيله كزنبرك يُدار عن بُعد لمصلحة نسل بني قريظة والقينقاع والنظير، الذين لا يختلطون بجيرانهم، ولا يقيمون إلا داخل القلاع ووراء الأسوار الشاهقة، أي كما يتخذ هو وأبناؤه (المنجوهين) من باب العزيزية حصناً لهم، يحيكون من داخله الدسائس، ويقيمون فيه حفلات الاستهزاء بالشعب الليبي، وثانيهما هو ضمان تبديد وتبذير هذه الثروة بالثورة المزيفة التي أُعلِن عنها في سبتمبر 1969 ميلادية، لفترة طويلة باستمرار حكم القذافي، الذي كلما تقدّم به العمر ازداد عتواً وفساداً، فأنجز أربعين سنة من هذا المخطط الدنيء على أفسد وجه، وعلّم أبناءه من بعده فنون تبذير هذه الثروة، وإلا لماذا لم ينهِهم عن سفاهتهم؟.

وبعد اندلاع ثورة 17 فبراير المجيدة، ولأنّ الغباء ملازم للملازم "معمر" في سيرته الذاتية- وسيتبيّن لنا بالرهان الساطع، لمَ هو غبي؟- تذكر بأنه ما يزال متبقياً من احتياطي النفط في بلاد الشعب الليبي- بناء على التقديرات الأولية، التي صاحبت موعد قدومه إلى السلطة- مخزون يغطي مدة عشرين من السنوات، لذلك نراه ليقينه بنهايته الحتمية، يحاول ويداوم على استنزاف مقدرات شعبنا، بتدمير البنية التحتية والفوقية، وتخريب كل ما تفاخر به من منجزات، لتصبح ثورته المزعومة ثورة خرابات لزعيم قذر، فالقذافي السايكوباتي والمازوخي- مرضان نفسيان، لا يرفعان على المصاب بهما جنية ما يقترفه من جرائم- يريد أن يخرج من ليبيا، ولا يبقي ولا يذر على أية بارقة أمل للشعب الليبي، لكي يفرغ للملمة جراحاته وانكساراته، وإعادة إعمار البلاد بما تبقى لديه من مخزون عشرين سنة نفطية، وما إصراره- كعسكري فاشل، لم يتدرج في تراتبية عسكرية، حتى يضع على كتفه (صقر ودبورتين)- على إرسال مواكب التقتيل إلى المدن الليبية، وهو يعرف بأنها ستدمر لا محالة، وسيخسر الحرب، عاجلاً أو آجلاً، إلا دليل على هذه الحقيقة البيّنة، كما قرص الشمس في رابعة النهار، فهو يبتغي أن يجعل بلادنا جرداءً ويباباً من المقدرات والإمكانات، فالغبي لا يعرف ولا يؤمن بأنّ الله قادرٌ على أنْ يعوّض الليبيين ويفتح عليهم من رزقه كنوز جـِنانه، كما فتحها عليهم بعد جهادهم الأول ضد الطليان.

فات الأوان للتسامح مع القذافي، فحتى وقت قريب، كنت أرى بضرورة إيجاد فـُرجة تحت أسوار باب العزيزية، ليست فيها مصيدة للفئران، كي يفرّ منها هذا الفأر الفار من وجه العدالة، حقناً للدماء المحتقنة عليه، لكني الآن أدعو إلى ضرورة ضبطه والقبض عليه، بعدما ثبتت خيانته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بتعليقاتكم على منشوراتنا و تذكروا قول الله تعالى و ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد